أسوار المدينة العتيقة وقلعتا القصبة والقصيبة، تمثل دليلا على الحس الفني للمدينة، التي تعاقب عليها الكثير من الحضارات.
رقة السماء وأشعة الشمس الذهبية وقوارب صيد راسية على الجوانب في شكل متناسق، وأنغام موشحات وأغان منبعثة من المقاهي المنتشرة على الأرصفة. يجسد هذا المشهد في ميناء بنزرت التونسية لوحة فنية بديعة.
زوار بنزرت، والسياح الذين يقصدونها من أرجاء العالم، يعتبرون ميناءها القديم القلب النابض للمدينة التي تبعد 65 كيلومترا شمال العاصمة تونس، وتمثل المدينة الساحلية أقصى نقطة في شمالي القارة الأفريقية، وترتبط تاريخيا بالتجارة والسفر عبر البحر الأبيض المتوسط.
يحاط الميناء، الذي يتوسط المدينة، بمنازل عتيقة وحصنين كبيرين على ضفة المرفأ، وهما قلعة القصبة والقصيبة، تم إنشاؤهما لغرض دفاعي ولحماية المدخل المائي من الجهة الجنوبية والشمالية للمرسى القديم.
ويقصد الزوار أرصفة الميناء، حيث ترسو سفن الصيادين، للتمتع بجمال منظره الساحر والضارب في التاريخ.
موقع مهم وتاريخ حافل
موقع مدينة بنزرت الإستراتيجي جعلها ملتقى لمختلف الحضارات، ولها تاريخ كبير يعود إلى آلاف السنين.
ويلفت الكاتب والأستاذ الجامعي علي آيت ميهوب إلى أن "الميناء القديم كان حتى 1 يوليو/تموز 1895 (وهو تاريخ افتتاح الميناء الجديد رسميا أمام التجارة العالمية) العنصر الذي يربط بين البحر وبحيرة بنزرت".
ويقول، في حديث لوكالة الأناضول "ثمة روايتان حول أصل الميناء القديم، الأولى تعتبر أن الميناء هو من إنجاز البشر، وتعزو إنشاءه إلى طاغية سرقوسة أغاطوكل الذي احتل المدينة عام 309 قبل الميلاد، وعمل على حفر الميناء وتشييد التحصينات العسكرية حوله".
"أما الرواية الثانية، فتعتبر أن الميناء من صنع الطبيعة، ويرجع تكونه إلى كسر وتصدع في الكتل الصخرية وقع في فترة ما قبل التاريخ"، وفق المؤرخ.
وكان للميناء دور اقتصادي مهم للمدينة، تتمركز حوله مختلف النشاطات التجارية والحرفية.
ووفق ميهوب، فقد شكل الميناء القديم القلب النابض لمدينة بنزرت إلى نهاية القرن الـ19، "إذ شيدت حوله غالبية أحياء المدينة".
ويوضح الكاتب التونسي أنه "إضافة إلى الصيد البحري الذي كانت ترتزق منه نسبة كبيرة من العائلات في بنزرت، تركزت حول الميناء غالبية أسواق المدينة، حيث كان يمارس داخلها معظم النشاط الصناعي والتجاري، مثل سوق العطارين والجزارين والحدادين والزنايدية (صنع الأسلحة)".
